قال الشيخ عبد الرزاق العباد حفظه الله تعالى في كتابه الماتع(فقه الادعية والاذكار ص179-184)
وقد اشار سلفنا الصالح رحمهم الله الى اهمية العناية بشروط لا اله الا الله؛ووجوب الالتزام بها؛وانها لا تقبل الا بذلك.
ومن ذلك ما جاء عن الحسن البصري رحمه الله انه قيل له :ان اناسا يقولون: من قال لا اله الا الله دخل الجنة.فقال:من قال لا اله الا الله فادى حقها وفرضها دخل الجنة.
وقال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته:ما اعددت لهذا اليوم؟قال:شهادة ان لا اله الا الله منذ سبعين سنة .فقال الحسن:نعم العدة؛لكن للا اله الا الله شروطا فاياك وقذف المحصنات.
وقال وهب بن منبه لمن سأله:اليس مفتاح الجنة لا اله الا الله؟قال:بلى؛ولكن ما من مفتاح الا له اسنان؛فان اتيت بمفتاح له اسنان فتح لك والا لم يفتح.يشير بالاسنان الى شروط لا اله الا الله.
ثم انه باستقراء اهل العلم لنصوص الكتاب والسنة تبين ان لا اله الا الله لا تقبل الا بسبعة شروط وهي:
1- العلم بمعناها نفيا واثباتا المنافي للجهل.
2-اليقين المنافي للشك والريب.
3-الاخلاص المنافي للشرك والرياء.
4-الصدق المنافي للكذب.
5-المحبة المنافية للبغض والكره.
6-الانقياد المنافي للترك.
7-القبول المنافي للرد.
وقد جمع بعض اهل العلم هذه الشروط السبعة في بيت واحد فقال:
علم يقين واخلاص وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها
ولنقف وقفة مختصرة مع هذه الشروط لبيان المراد بكل واحد منها ؛مع ذكر بعض ادلتها من الكتاب والسنة.
اما الشرط الاول:وهو العلم بمعناها المراد منها نفيا واثباتا المنافي للجهل؛وذلك بان يعلم من قالها انها تنفي جميع انواع العبادة عن كل من سوى الله؛وتثبت ذلك لله وحده؛كما في قوله سبحانه وتعالى(اياك نعبد واياك نستعين)اي نعبدك ولا نعبد غيرك ؛ونستعين بك ولا نستعين بسواك.
قال الله تعالى(فاعلم انه لا اله الاالله)وقال تعالى (الا من شهد بالحق وهم يعلمون)قال المفسرون:الا من شهد بلا اله الا الله (وهم يعلمون)اي:معنى ما شهدوا به في قلوبهم والسنتهم.
وثبت في صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من مات وهو يعلم انه لا اله الا الله دخل الجنة)فاشترط عليه الصلاة والسلام العلم.
-اما الشرط الثاني: فهو اليقين المنافي للشك والريب؛اي ان يكون قائلها موقنا بها يقينا جازما لا شك فيه ولا ريب؛واليقين هو تمام العلم وكماله؛قال الله تعالى في وصف المومنين
انما المومنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون)ومعنى قوله(ثم لم يرتابوا)اي ايقنوا ولم يشكوا.
وثبت في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله؛ لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما الا دخل الجنة.
وثبت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة ايضا قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد ان لا اله الا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة)
-والشرط الثالث هو الاخلاص المنافي للشرك والرياء؛ وذلك انما يكون بتصفية العمل وتنقيته من جميع الشوائب الظاهرة و الخفية؛ وذلك باخلاص النية في جميع العبادات لله وحده قال تعالى
وما امروا الا ليعبدواالله مخلصين له الدين).وفي الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال(اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه)فاشترط الاخلاص.
-والشرط الرابع :هو الصدق المنافي للكذب؛ وذلك بان يقول العبد هذه الكلمة صادقا من قلبه؛ والصدق هو ان يواطئ القلب اللسان؛ ولذا قال الله تعالى في ذم المنافقين (اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون)فوصفهم سبحانه بالكذب؛ لان ما قالوه بالسنتهم لم يكن موجودا في قلوبهم ؛وقال سبحانه وتعالى(ام حسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)؛وثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ؛عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ما من احد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله صادقا من قلبه الا حرمه الله على النار)فاشترط الصدق.
-الشرط الخامس:المحبة المنافية للبغض والكره؛ وذلك بأن يحب قائلها الله ورسوله ودين الاسلام و المسلمين القائمين بأوامر الله الواقفين عند حدوده؛ وأن يبغض من خالف لا اله الا الله وأتى بما يناقضها من شرك وكفر؛ مما يدل على اشتراط المحبة في الايمان الله تعالى
ومن الناس من يتخد من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله)؛ وفي الحديث
اوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله).
-الشرط السادس:القبول المنافي للرد؛فلا بد من قبول هذه الكلمة قبولا حقا بالقلب واللسان ؛ وقد قص الله علينا في القران الكريم انباء من سبق ممن أنجاهم لقبولهم لا اله الا الله ؛وانتقامه واهلاكه لمن ردها ولم يقبلها ؛قال تعالى
ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين)؛وقال سبحانه في شأن المشركين
انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون).
-الشرط السابع:الانقياد المنافي للترك؛اذ لا بد لقائل لا اله الا الله أن ينقاد لشرع الله؛ ويذعن لحكمه ويسلم و جهه الى الله اذ بذلك يكون متمسكا ب لا اله الا الله؛ولذا يقول تعالى
ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى)؛أي فقد استمسك ب لا اله الا الله ؛فاشترط سبحانه الانقياد لشرع الله؛وذلك باسلام الوجه له سبحانه.
فهذه هي شروط لا اله الا الله ؛ليس المراد منها عد ألفاظها وحفظها فقط ؛فكم من عامي اجتمعت فيه ولتزمها ولو قيل له :اعددها لم يحسن ذلك ؛وكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم ؛وتراه يقع كثيرا فيما يناقضها ؛فالمطلوب اذا العلم والعمل ليكون المرء بذلك من اهل لا اله الا الله صدقا؛ومن اهل كلمة التوحيد حقا والموفق لذلك والمعين هو الله وحده؛فنسأله سبحانه أن يوفقنا واياكم لتحقيق ذلك والحمد لله.